الثلاثاء، 24 يوليو 2012

ذات الله



لو أن الحكمة الالهية تكشفت للعبد بأبعادها الكاملة لذهب اختيار الناس وبطلت حركتهم وتوقف صراعهم
ذلك ألأن انكشاف الحكمة الالهية لأى انسان يعنى أنه لا يعود انسان كما كان
والفترة التى يستغرقها فى التأمل فى الحكمة الالهية حين تنكشف يمكن أن تمتد لملايين السنين والدهشة التى تولد فى نفسه حين يعرف حكمة الله تستطيع أن تقضى على ادراك الانسان الانسانى



لذلك فمن دواعي الرحمة بالإنسان أن يخفي الله سبحانه وتعالى حكمته عن البشر،
لقد أعطاهم الله من الحكمة قدراً يمكنهم من الخلافة في الأرض وأعطى الأنبياء قدراً يمكنهم من الدعوة إليه
وأعطى عبدا من عباده آتاه من لدنه علما ما لم يعطه نبيا من أولى العزم
وأععطى الملائكة من حكمته قدرا يمكنهم من أداء مهامهم الجليلة

أما عمق وسر حكمته العظمى فقد أبقاه سراً لذاته،
ومن الأفضل أن نسجد لله بدلاً من السؤال عن ذاته... ذلك أرقى الانسان وأكرم لعقله
ورغم هذه الحقيقة فإن الإنسان لا يكف عن الأسئلة سواء عن حكمة الله أو عن ذات الله.
( وكان الانسان أكثر شىء جدلا )

إن الأصل في العقيدة الإسلامية هو المعرفة والسؤال حق للإنسان،
حق للإنسان أن يسأل عن كل شيء وعن أي شيء وأن يفكر في كل شيء، وليس هناك أي منطقة محرمة إلا منطقة واحدة وهو التفكير في ذات الله، وذلك لسبب بسيط وهو
أن ذات الله تعالى تتجاوز طاقة العقل البشري وقدرة الفكر الإنساني، فكيف يدرك العقل القاصر حقيقة الإله الأزلي الكامل
سيضيع العقل حين يحاول الدنو من تصور الذات الالهية قبل خلق الوجود أو بعده
مثلما يضيع الطفل لو رسم مركبا على الورق وحاول بعا عبور المحيط

ولكن الدليل في الإسلام على وجود الله هو الله ذاته.
يقول الإمام الغزالي بعد تجربة الشك التي خاضها كمنهج لمعرفة الله، شككت في كل شيء، ولم أهتد إلى شيء وإذ بإيمان قذف الله به في صدري فآمنت واسترحت من الشك.
الطريق إذن لمعرفة الله هو الله.. هو الإيمان
فالعقل مخلوق لا يدل إلا على مخلوق مثله.
وليس معنى هذا كما يدعي الغربيون أن دين الإسلام هو دين إيمان وصبر وتأمل فقط، فالعقيدة الإسلامية هي المسؤول الأول عن قيام المنهج التجريبي في دنيا المادة، وهي المسؤول الأول على اطلاق عنان الفكر وحثه على النظر والتأمل والتفكير في الكون .
أما ذات الله فهي ليست مادة تخضع لتأمل العقل وأسئلته.
فالعقيدة الإسلامية باحترامها للعقل ومخاطبتها الدائمة للعقل، قد بينت للعقل أيضاً حدوده التي يتوقف عندها. ففي دنيا الغيب لا يلجأ المسلم إلى العقل وإنما عليه أن يؤمن بالغيب وأن يصدق ما أتى به الرسول.

ولا يزال الناس يتسائلون
خلق الله الخلق , فمن خلق الله ؟

إن السؤال عن ذات الله هو سؤال خاطئ منذ البداية لأنه يفترض خضوع الله لقوانين الحياة الإنسانية، وهي حياة تعرف بالمشاهدة والتجربة وينطبق عليها قانون الأشياء، ويتصور أصحاب هذا السؤال أن قانون الأشياء يمكن أن ينطبق على الله..
فلو تأملنا قليلاً لوجدنا أن لكل كائن قانونه الخاص الذي لا ينطبق على الكائنات الأخرى،
فالأسماك تعيش وتتنفس تحت الماء .. هذا قانونهم الخاص
والطيور تعيش فى الهواء وتطير .. هذا قانونهم الخاص

فلو سألت احدى الأسماء زميلة لها :
لماذا لا تسبح الطيور مثلنا تحت الماء .. فهذا هو نفس سؤال من يسأل
خلق الله الخلق , فمن خلق الله ؟

وهذا يعني أن القانون البشري لا ينطبق على ذات الله.
إذا كان الإنسان يولد وينمو ويتزوج ويلد فإن الله سبحانه وتعالى (لَمْ يَلدْ وَلَمْ يُولدْ وَلَمْ يَكُن لهُ كُفُواً أَحدٌ)
"لم يتخذ صاحبة ولا ولدا"
إذن فلا سبيل إلى معرفة الله إلا الإيمان بالله.

ولقد ضل أقوام كثيرون تكلموا فى ذات الله تبارك وتعالى وكان كلامهم سببا فى اختلافهم وفتنتهم لأنهم تكلموا فيما لا يقدرون على معرفته
ولهذا نهى النبى صل الله عليه وسلم التفكير فى ذات الله
قال ( تفكروا فى خلق الله . ولا تفكروا فى ذات الله فتهلكوا )
وليس هذا المنع حجرا على حرية الفكر ولا تضييقا على العقل ولكنه خوف عليه من أن يقع فى الهلاك والعبث

الله فى العقيدة الاسلامية
أحمد بهجت

هناك 5 تعليقات:

  1. التفكر في ذات الله لا يرقى له و لا يتحمله العقل البشري، و نهينا عنه هو رفق و شفقة بالإنسان،فكيف لمخلوق أن يتفكر في ذات أو شكل خالقه و هو من الأساس لم يُحط- و لن يحط - بما يشاركه في هذا الكون من مخلوقات الله ؟!
    ...
    جزاك الله خيرا مروة،و تقبل الله منا و منكم

    ردحذف
  2. موضوع رااااااائع جدا جدا جدا جدا بجد

    ردحذف
  3. المشكلة إن الامام الغزّالي وصل لليقين بالنور الإلهي وبعد مجهادات صوفية.. بغض النظر عن إن ده كويس أو وحش.. دي حاجة ممكن احنا كمسلمين نقدرها ونقتنع بيها لكن مانقدرش نقنع ملحد بيها.. بحب أكتر التجارب التي وصلت إلى الله بالعقل (وما أكثرها) لأن التجارب دي هي الأهم والأكثر اقناعا

    مجهود تشكري عليها يا ميرو

    ربنا يجازيكي بيه خير

    ردحذف
  4. لو حفر احدنا حفره عمق متر وعرض مترين هل يستطيع جمع مياه العالم ووضعها في هذه الحفرة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ هذا هو العقل البشري امام الله عز وجل الذي ليس كمثله شيء فخلق كل شيء ولا يحيط به شيء وهو الله الحي القيوم

    ردحذف