الأحد، 22 يوليو 2012

معرفة الله


على امتداد اليوم كله , يعلن الاسلام عن نفسه كدين من أديان التوحيد خمس مرات فى اليوم
وليست مصادفة أن تبدأ اقامة الصلاة بقول المسلم ( الله أكبر )
هذا الاقرار هو نقطة البدء فى عقيدة التوحيد .. وهو الصورة التى ينبغى أن تملأ عقل الموحدين بالله
ولا يحدد الأذان كيف أن الله أكبر .. لا يقول أكبر من أى شىء
الكلمة مطلقة وشاملة .. لا يعارضها شىء ولا يكبر عليها شىء ولا يقف أمامها شىء





- الله أكبر من الخلق

(ألا لَهُ الخَلقُ والأمرُ تبارَكَ اللهُ أحسنُ الخَالِقين)

- الله أكبر من الكون الظاهر والكون المخفى

( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون [ الزمر : 67 ] )


- الله أكبر من ظلم الظالمين ورحمة الراحمين .. أكبر من أحزانك وخطاياك اذا أسرفت على نفسك وعدت اليه بالتوبة

( "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " ( سورة الزمر )

- الله أكبر من معجزات الأنبياء واشارات الملائكة ومعانى الكتب السماوية
فالملائكة والأنبياء عباد من عباد الله

الله أكبر من كل شىء .. وهو فى كل شىء , ومع كل شىء , وخالق كل شىء , ووارث كل شىء , ولا يشبه شيئا ولا يشبهه شىء

* تقرر العقيدة الإسلامية بأن الله ليس كمثله شيء

(ليسَ كَمثلهِ شيءٌ وَهوَ السَّميعُ البَصيرُ) (الشورى/11)

ومن البديهي أن لا يستطيع عقل الإنسان القاصر أن يعرف من ليس كمثله شيء.
هذه المعرفة لله تبدو مستحيلة، ويتضح استحالتها في حق الكائنات جميعاً. 


يقول الإمام الجنيد:

 "لا يعرف الله تعالى إلا الله تعالى"
أي أن المعرفة الحقيقية التامة التى تليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه لا تكون إلا لله تعالى.

ويتفق في هذا الرأي الإمام الغزالي
قال الامام الغزالي: 

كل ما دار في وهمك وتصوره ذهنك وتخيله عقلك فالله غير ذلك

فان قلت : 

فما نهاية معرفة العارفين بالله تعالى ؟
تنتهي معرفة العارفين بالله إلى عجزهم عن المعرفة.

قال رسول صل الله عليه وسلم 

( ربنا لا نحصى ثناء عليك , أنت كما أثنيت على نفسك )

أى أنه لا يحيط بعظمته سبحانه ولا يحيط بجلال ألوهيته وأن الله هو المحيط بها وحده

لا يعلم الله الا الله فاتئدوا .. والدين دينان : ايمان واشراك

وللعقول حدود لاتجاوزها .. والعجز عن درك الادراك ادراك

وإذا كانت المعرفة الحقيقية لله مستحيلة على البشر فإنه لا يبقى أمامنا إلا المعرفة النسبية وهي معرفة أسمائه سبحانه وتعالى ومعرفة عجائب صنعه في الكون
ومثلما تتفاوت بصمات أصابع الخلق وعقولهم وحظوظهم من المشاعر، تتفاوت معرفتهم بالله تعالي، وعلي قدر المسافة التي تقطعها سفن القلوب في بحار المعرفة الالهية تكون المعرفة..... وليست معرفة النبي صلي الله عليه وسلم مثل معرفة انسان معاصر..... ولا معرفة موسي عليه السلام كمعرفة فرعون

صدق من قال

 ( لا يعرف الله تعالى الا الله تعالى )
وصدق أيضا من قال
إن معرفة الله تعالي تجربة شخصية، ومعرفته سبحانه تختلف من انسان لاخر

 
هذا كله صحيح وأصح منه ان الله تبارك وتعالي يظل مستعليا بكبريائة، محتجبا بأنوار رحمته.. غاية لا تدرك.. وذاتا لا تستشرف

رغم ذلك تسفر الرحلة اليه عن هدف الوجود البشري وغاية المطاف


"يا أيها الانسان إن كادح إلي ربك كدحا فملاقيه "

هناك 3 تعليقات:

  1. جزاكِ الله كل خير عنا يا ميرو بجد


    رمضان كريم

    ردحذف
  2. سبحانه هو من وضع لنا حدود الادراك و الفهم و التخيل،و اذا كنا لا ندرك و لا نعرف و لا نتخيل إلا الاشياء التي عرفنا هو عليها و هو كما قال عن نفسه( ليس كمثله شئ ) فهل لنا بعد ذلك أن نستطيع أن نحيط بوصفه ؟
    ...
    أحسنت في عرضك، و في انتظار القادم..تفبل الله منا و منكم

    ردحذف
  3. يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه

    هذه الأية جوهرية جدا .. و أحبها كثيرا فهي إحدى حقائق الكون

    عن معرفة الله .. تعجز عقولنا عن معرفته تماما فمعرفته من الغيبيات التي فوق عقولنا لكن كوننا لا نستطيع معرفته هو أكبر دليل على أنه أكبر منا و أننا ـ كعاقلين ـ علينا الإيمان به و عبادته و تحقيق خلاقة الله في الأرض و السعي فيها برسالته

    دوما في انتظار جديدك

    ردحذف