الأحد، 30 سبتمبر 2012

دموع البراءة



كم هى رائعة الحياة بكل ما فيها من براءة ونقاء وحنان ورحمة ومودة وتسامح واخلاص وتضحية ووفاء ...!!
وكم هى مؤلمة بكل ما ما فيها من مآسى وظلم وجهل و فقر وبؤس وأنانية وطمع وكره وحزن    ... !!



ننام وينامون .. وتختلف الأحلام !!
جميعنا لدينا العديد من الأحلام والأمنيات والرغبات نتمنى تحقيقها  ..

فمن منا لا يحلم بأن يكون ثرى أو صاحب منصب أو يكون لديه سكن مريح أو سيارة أو .. ؟
و من منا لا يحلم بالحب والزواج والأولاد وتكوين حياة أسرية مستقرة .. ؟
 و من منا لا يحلم بالسعادة والأمان وراحة البال .. ؟

الكثييير من الأحلام تراودنا وتتردد فى أعماقنا ومخيلتنا .. نسعى وراءها حتى نحققها
ولكن هل سألنا أنفسنا يوما .. ماذا عنهم ( هم ) .. هل لديهم أحلام مثلنا يتمنوا تحقيقها .. هل لديهم القدرة أو حتى الجرأة على الحلم  ..  أو هل يدركوا ما هى وكيف تكون الأحلام  .. وان كان لديهم كيف سيستطيعوا تحقيقها ؟ !


من ( هم) ؟    

هم بشر مثلنا يعيشون معنا على نفس الأرض وتحت نفس السماء ولكن أغلبنا لا يعرف عن حياتهم الكثير .. حياة أشخاص عرفوا الفقر منذ طفولتهم وعاشروا المرض منذ أن تفتحت أعينهم للحياة
هم آدميون مثلنا ولكن أجبرتهم ظروف الحياة وقسوة الواقع أن يسكنوا فى مناطق نائية تفتقر لأدنى مقومات الحياة .. لا مشاريع مياه ولا كهرباء ولامدراس ولا مستشفيات ولا حتى وحدات صحية و لا بيوت .. يسكنون الجحور و الأرصفة والعشش .. بل أسوأ من كل هذا  .. فهى عشوائيات لاتليق سكنا وحياة .. لا تليق حتى بالحيوانات التى تسكن فيها معهم !

هم عجائز وأيتام ونساء ومرضى  يتضورون جوعا ويعانون عطشا ويتألمون عوزا ويموتون مرضا ..  يعيشون فقرا مدقعا وذل ومهانة دون احترام لأدميتهم
هم أطفال ترعرعوا فى وسط محروم من كل شىء  .. حرمتهم الدنيا من ما هو أكثر من اللعب والضحك والتعليم .. لقد حرمتهم من الحياة
تلك الأرواح البريئة ملقاه تحت أطنان الألم و أثقال الحزن .. أجسادهم نحيلة ووجوهم شاحبة وملابسهم رثة ..ابتسامتهم الطفولية الباكية ترسل استغاثة من أرواحهم المعذبة ..  حسرة الدنيا وألامها اجتمعت فى وجوهم الغضة البريئة
هم بشر  يعيشون ويموتون على هامش الحياة  ..لا اعتراف بهم ولا بآدميتهم

هم
مجتمع معزول اجتماعيا وفكريا ودينيا
يعيشوا بعيدا تحت أثقال القهر والظلم وركام الفقر والألم والاهانة  واحتقار آدميتهم وسقوط الأطفال مرضى من الجوع والفقر
فى يقظتهم غياب عن حقائق الدنيا وصراعتها وحروبها ونزاعتها .. فحياتهم قاسية بما يكفى وبكل ما تحويه هذه الكلمة من معنى ،  ومن حولهم  وبداخلهم  ظلام دامس وجهل مطبق .. فعقولهم خاوية مقفلة متحجرة خالية من أى تفكير و لا يوجد حولها أى طريقة لتساعدها على الادراك ..  فهم لم يتلقوا أى قدر من التعليم .. سوى من مدرسة الحياة  .. وكم هى قاسية و مؤلمة و صعبة تلك المدرسة !!




قالت لى صديقتى عندما شاهدت فيديو ( الصعيد يشتكى إلى الله )
 (  http://www.youtube.com/watch?v=RPREhYA2kSo

لم أتمنى يوما أن أمتلك الكثييييير من المال الا عندما رأيت تلك الوجوه الشاحبة والعيون الغائرة والأجساد المتهالكة  التى تحكى الكثير من الألم والبؤس  .. وأن أمتلك الصحة والجهد حتى أستطيع الذهاب الى كل واحد منهم وأربت على قلبه وأعيد البسمة والأمل والحياة التى سرقت منهم

لا تدرى كم شعرت بالخجل والعجز وبموت الشعور والاحساس لدينا .. و كم نحن قساة غلاظ القلوب وكم نحن متبطرين على النعم الكثيرة التى أنعم الله بها علينا !!

 أكنت أتحدث وأشكو من ألمى ومعاناتى؟! من هم حقا الذى يشعرون بالمعاناة ؟ !

هم فقط من يعلموا معنى الألم والفقر والحرمان .. هم فقط من يشعروا بالمعاناة الحقيقية .. هم من يفتقدون الامن والامان ويطغى عليهم الفقر وذل الحاجة للبقاء .. هم من يعيشون تحت الأرض بكل ما في هذه الكلمة من معنى  .. يعانون مرارة البؤس وحدة المجاعة

كان يوم أسود كئيبا عندما شاهدت هذا الفيديو .. حاولت أن أبعده عن ذاكرتى وربما عقلى الباطن - كاالعادة - حاول أن يساعدنى ويمحوه من أيام حياتى بكل تفاصيله ولكنى عجزت وعجز هو أيضا
قالت لى أنا أحترق عجزا عن فعل شىء .. لا أتحمل أن أبقى فى نظر نفسى تلك العاجزة التى لا تحرك ساكن ولا تستطيع فعل شىء يغير هذا الواقع المؤلم .. فحولنا الكثير من الصرخات المدوية من قهر وظلم واستغاثة ونحن قررنا أن الصمت أبلغ من الكلام .. ولجأنا الى البكاء والحزن الوقتى لحفظ ماء وجوهنا .. تقشعر أبداننا عند رؤية مناظرهم شفقة عليهم ثم نعود الى حياتنا وأعمالنا .. ننسى أو نتناسى  ، لا أعلم الى متى سنظل هكذا    ..   الى متى سنظل فقط مشاهدون ..  ؟ !
فكل يوم نستيقظ على حسرة مفجعة وواقع صادم نحاول عبثا تجميله من آن لآن .. لم أكن أتوقع أن يصل بنا الحال أن نرى معاناة بشر من أبناء جلدتنا ونكتفى بالفرجة دون أن نقوى على تقديم شىء يخفف قليلا من معاناتهم أو  يكون لدينا  القدرة لجعل بؤس انسان منهم أقل !!



الرضا والصبر والثقة واليقين بالله



أم ابراهيم الله يرحمها ويجعل مثواها الجنة ( رمز الصبر والرضا
 http://www.youtube.com/watch?v=515btO_hqk0

عنندما سألها المذيع  : مش عايزة أى حاجة .. مش ناقصك أى حاجة يا أمى
ظلت تردد ( ربنا موجود ، ربنا سبحانه وتعالى بيحدفلى شوية العيا ويشيلهم على طول .. يعنى ربنا سبحانه وتعالى معايا .. الحمد لله .. اللهم لك ألف حمد وشكر



 
كتب أحد الأشخاص الذين ذهبوا الى  فقراء الصعيد
)
صوت وكلمات احدى العجائز التى رأيتها فى الصعيد تطارد مخيلتى .. تلك العجوز تعيش ذل يومى دون احترام أو مراعاة لكبر سنها .. تلك العجوز لم تجد سرير لتنام عليه فنامت على سرير من الطوب .. ولم تجد سقف يحميها من برد الشتاء أو حرارة الصيف الهالكة فنامت فى العراء وتلحفت بالسماء الملبدة بالغيوم كحياتها المليئة بالهموم والأحزان
وعندما سألناها :
راضية ياحاجة .. ؟ ، ترد لتقول  : ( راضية جوى جوى ربك كبير ياولدى ومبينساش حد
(






تعجبت  من قدرتهم على الرضا و قول الحمد لله والثقة واليقين بالله ، وخجلت من نفسى الجاحدة للكثير من النعم وتسائلت بينى وبين نفسى 
 كيف لهؤلاء ان يعيشوا بهكذا وضع ويظللوا يرددوا الحمد لله ؟ !
 ! ؟ كيف لها القدرة أن تقول الحمد لله وهى تمكث طوال حياتها فى هذا المكان القاسى الذى يفتقد الاحتياجات البشرية الأولية
 لماذا لم يتمردوا ويبكوا ويصرخوا ويلطموا ويشكوا مثلنا عندما نتعرض لألم أقل حدة بكثييييير مما يتعرضوا اليه كل ثانية من عمرهم وأيام حياتهم؟ !
أأعتادوا البؤس والشقاء والوجع والهم الذى يحتل كل أيامهم وربما أدمنوه أيضا .. هل الراحة والسعادة ترهقهم أكثر من كل الأشياء التى ترهقنا نحن؟ !
ألم يتعبوا وهم يشعروا بمعاناتهم تزيد وواقعم يزداد مرارة وقسوة مع تقدمهم بالعمر؟  !
أم هم من يتصفون بالنفس العزيزة ( لا يسألون الناس إلحافا ).. لا يشكون ولا يطلبون مساعدة  ويرضون بما قسم الله لهم .. رغم أنهم في أشد الحاجة إلى من يعطف عليهم ويسأل عنهم؟ !
أرزقهم الله الرضا والسلام الداخلى أم  أنهم رأوا أن الصمت أبلغ من الكلام؟ !
أمازال بداخلهم القدرة على التفاؤل والحلم ..  أم أنهم ضاقوا من انتظار طلوع الصباح فاستسلموا بيأس للواقع المؤلم؟ !
هل يمكن للانسان أن يعيش بلا أمل؟ ! أم أنهم قد امتلئوا ثقة ورضا ويقين بالله ؟ .. ألهذه الدرجة هم  أنقياء من الداخل ليحمدوا الله وهم فى أهلك الظروف ( كن جميلا ترى الوجود جميلا )
ألهذه الدرجة أصبحنا جاحدين على نرى أى شيئا جميلا؟ !!  ..


هل سيكونوا أسوياء؟






هؤلاء الأطفال .. تلك الأرواح البريئة بابتسامتهم الطفولية الباكية التى تخفى وراءها معاناة وحمل ثقيل ومستقبل مجهول  .. كم مرة ناموا وحلموا مثلنا واستيقظوا  ليجدوا أحلامهم البريئة سراب ووهم   ؟ !.. ليجدوا أنفسهم فى القاع سكنا وواقعا .. لقد اشتركا الفقر والمرض فى سرقة أحلامهم وابتسامتهم البريئة وحتى طفولتهم

وعن أى طفولة أتحدث؟ !
هؤلاء لا يعرفون الطفولة التى نعرفها ونتحدث نحن عنها .. لم يلبسوا طوال طفولتهم ثوب أو حذاء مما كنا نلبسهم نحن لا جديدا ولا مستعملا مما يتبرع به بعض الأسر للأطفال الفقراء.. ملابسهم رثة ممزقة لا تحميهم من برد ولا حر  .. و تكاد لا تستر أجسادهم النحيلة التى يأكلها الجوع وتفترسها الجراثيم والأمراض .. وأقدامهم الصغيرة عارية ملطخة بالأوحال ، ولم يأخذوا فى حياتهم القليل من المال ( مصروف ) فى أيديهم ليشتروا بها الحلوى كما كنا نفعل ، لم يكن لديهم فراش مريح دافىء مثلنا لينام نوم عميق ومريح ويحلموا ( قرأت جملة لأحدهم قال : أنا لم أعرف النوم المريح ليكون لدي أحلام
طفولتهم اغتالها واقع مؤلم ولم يعد من أحلامهم وأولولياتهم أن يحيوا تلك الطفولة .. فهم يقاوموا الأمراض التى تفترسهم فينجوا من بعضها ويستقر فيهم الكثيير منها
وعندما يكبروا هل سيكونوا أسوياء أو علي الأقل صالحين، هل سيحملون بداخلهم قلب أبيض ونفس شفافة محملة بالأمل والتفاؤل والرغبة فى العطاء و خالية من المرارة والعقد تجاه الأخرين أما سينتقموا من المجتمع الذى ظلمهم وسيكونوا أصحاب قلوبهم قاسية تؤذى وتدمر  كما قست عليهم الحياة؟!

......................


أبتاه لا تبكي فاني ....... بأساك اهلك مرتين
دائي ودمعك يا أبي ...... حزنان قد جمعا بحزني
أبتي حين رأيتني ......... بعد البهاء اصفر لونى
ورأيت فقرك حائلا ........ بين الدواء الغالي وبيني
سامحت فقرك ماله ....... ذنب علي ولا تجني
ولعل قلب طيب .............. يدري بألامي وحزني
ويمد كفا ابيض ............... ليزيح هذا الداء عني
ليزيح هذا الداء عنى .... أنشودة أبتاه





وأهاليهم - ان كان لهم أهل - ماذا سيتطيعوا أن يفعلوا لهم ليقللوا معانتهم ؟! ، فهم فى لهاث دائم وراء لقمة العيش الجافة المرة حتى أضناهم التعب والجوع .. ورغم كل ذلك تمضى بهم الحياة وهم يقاوموا وحتى لو تدهورت بهم الأحوال أكثر .. مازالوا يحلموا بأبسط حقوقهم البشرية
يحلمون بكسرة خبز تسد رمقهم الطويل وشربة ماء تبلل شفاهم و تروي عطشهم
يحلمون بالنوم على فراش .. أى كان .. حتى وان كان بالى وممزق
يحلمون بأن يكون لهم مأوى كبقية البشر .. غرفة لها باب يغلق عليهم ، وسقف يحمي أجسادهم المتهالكة من صفعات برودة الشتاء القاسية أوأشعة الشمس الحارقة
يحلمون بأن يجدوا ما يكفيهم ذل المسألة وقهر السؤال
يحلمون بيد رحيمة تأخذ بأيديهم للخروج من تلك الحياة الموحشة
هل أحلامهم شىء مستحيل الى هذه الدرجة  ..  وغير قابل تحقيقه على أرض الواقع ؟ !!

أو كما كتب صاحب تلك الكلمات المؤلمة
 ( قرأتها فى منتدى وللأسف مش مكتوب اسم اللى كتبها)
(لايريدون شيء من الحياة سوى قطعة أرض صغيرة يبنون عليها كوخهم الذي يأويهم
ربما لن يكون لهم فرصة لرؤية العالم الخارجي .. ولا التنزه في الأسواق والمولات والمجمعات التجارية .. ولن يكون لديهم الفرصة لمشاهدة أحدث الأفلام في سينما ماكس ..  وربما لن تأتي لهم فرصة للمشاركة في الأسهم والبورصات العالمية
كل مايحلمون به هو مأوى صغير يحفظهم من حرارة الشمس وبرودة الطقس
هل نستطيع أن نحتمل هذا كبشر؟ )
..............

حقهم علينا هو حق الله فى نعمه التى أنعم بها علينا



مشاهد البؤس لا قدرة لقلم أن يصفها .. ولكنها تُعرينا  أمام أنفسنا .. تبين لنا مدى قسوتنا وظلمنا وانعدام الرحمة من قلوبنا  ومدى عجزنا عن تخفيف معاناة يمر بها مئات البشر ونحن لم ننتبه لهم أو تناسينا وجودهم وتركناهم يعانوا الفقر والتهمييش ، تنطق بمستقبل مجهول وحاضر مظلم جدا وواقع مزر ومترد أصبح يفرض علينا وعلى الدولة الاستعجال والعمل على لتوفير حياة كريمة لهؤلاء البشر

 ؟! أليس هؤلاء القابعون فى عشش بشر ومواطنين مثلنا
أليس لهم الحق فى المسكن والمأكل وتعليم أبنائهم وتمريضهم ؟ !
أليس من حقهم أن يشعروا بانسيانيتهم  ؟ !
أليس هم بشر يستحقون العيش بكرامة ؟!
أكتب عليهم الشقاء و الفقر الجوع والمرض طوال حياتهم؟ !


نحن نبحث عن سبب معاناتنا وعن ما ينقصنا .. ينقصنا كبشر أن نكون حقا بشر .. أن نشعر بآلام الفقراء واليتامى والمساكين والمرضى  ..
من حقنا أن نستمتع بالحياة ولكن هؤلاء الفقراء أيضا مسئوليتنا .. لهم حق فى أموالنا .. حقهم هو حق الله فى النعم التى أنعم بها علينا ليرى هل سنحمده ونشكره باعطاء كل ذى حق حقه .. هل سنساهم أم سنتذكرهم بما أنعم الله علينا من نعم
ومن يرى أن الفقر مسئولية الفقراء وحدهم وليس مسئوليتنا ومسئولية المجتمع الذى يعيشون فيه ..  يكون فعل مثل  أصحاب الجنة
فالسؤال عنهم فى حد ذاته صدقة .. واطعامهم بما أنعم الله علينا صدقة .. والابتسامة فى وجوهم صدقة
لعلنا نتعلم منهم كيف يكون الرضا و الصبر و شكر الله على نعمه الكثيرة ، ولعلنا نستطيع تطييب نفوسهم وأرواحهم المنكسرة واعادة القليل من الأمل والحياة الى حياتهم

فما أصعب أن تكون متشرد بلا مأوى ! وماأقسى أن تعيش فى بئر مظلم الى الأبد وأن تعيش كابوس لا ينتهى .. لا تسيقظ منه أبدا ! ما أقسى أن تعيش فى الدنيا ليس حبا فيها بل لأن الحياة مفروضة عليك ! ، ومع هذا تتأمل الخير والفرج مع إشراقة شمس كل يوم

ولعل قلب طيب .............. يدري بألامي وحزني

ويمد كفا ابيض ............... ليزيح هذا الداء عني


......................................................................................................
الصعيد يشتكى الى الله

ده لينك مقال الكاتب ( محمد غالية )

...................................................................................................




قصة أصحاب الجنة لو حد مش يعرفها أو مش فهم  الآيات زيى  ( التفسير من منتدى .. عجبنى لأنه بسيط وحاولت أختصره على قد ما أقدر ، ولو حد عنده اضافة أو شايف فيه حاجة غلط ياريت يقلنا علشان كلنا نستفيد )



 قال تعالى :
( إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ( 17 ) ولا يستثنون ( 18 ) فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون ( 19 ) فأصبحت كالصريم ( 20 ) فتنادوا مصبحين ( 21 ) أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين ( 22 ) فانطلقوا وهم يتخافتون ( 23 ) أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين ( 24 ) وغدوا على حرد قادرين ( 25 ) فلما رأوها قالوا إنا لضالون ( 26 ) بل نحن محرومون ( 27 ) قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون ( 28 ) قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين ( 29 ) فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون ( 30 ) قالوا ياويلنا إنا كنا طاغين ( 31 ) عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون ( 32 ) كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون

تحكى حكاية رجل صالح يمتلك بستانا جميلاً يحتوى على أجمل أنواع النخيل والزروع والثمار .. وهذا الرجل كان يعرف حق الله فى ماله فكان لا يدخل  ثمرة منها  إلى منزله حتى يعطي كل ذي حق حقه .. لا يبخل أبدا على أحد ولا يرد سائل ويخرج الزكاة يوم الحصاد فلا يحرم أحد من الفقراء والمساكين من فضل الله الذى أنعم به عليه فكانوا يدعوا له فيبارك له الله ويعطى أكثر ويعيش حياة سعيدة فعنده ما يكفيه ، ولكن أبنائه كانوا يعترضون على ما يفعله والدهم ويقولوا ( لماذا يعطى والدنا كل هذا المال للفقراء ألسنا أحق بهذا المال ؟ !.. ان ما يفعله لا يمكن أن يفعله رجل عاقل ، رد أوسطهم : انه يخرج حق الله فى هذا المال ،  فقالوا له : وهل أمرنا الله أن نضيع أموالنا على الفقراء .. نحن أولى بهذا المال .. ولماذا نعطى أموالنا للفقراء .. لماذا لا يعمل كل فقير ويأكل من عمل يديه  ؟!، رد أوسطهم : ان المال مال الله والزروع من خير الله .. أمرنا أن نخرج منها الزكاة والصدقات ليس تضييعا للمال وانما هى سبب لحفظ المال وطهارة القلب  وتزكية النفس ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُ‌هُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا ) وإن بعض الفقراء يعملون لكن رواتبهم لا تكفى وبعضهم لا يستطيع العمل لأنه مريض ، فقالوا له : إنك مثل والدنا ستنفق أموالك كلها على الفقراء وستكون فى يوم من الأيام فقير مثلهم ، رد أوسطهم :
إن الانفاق سبب للغنى وليس سببا للفقر
{وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ‌ الرَّ‌ازِقِين}
ومات والدهم قبل الحصاد بوقت قليل واتفقوا أنهم لن يفعلوا مثل والدهم ويعطوا الفقراء وظل الأخ الأوسط يذكرهم بالله ولكن لا حياة لمن تنادى .. وانصرفوا من البيت وهم يتخافتون ويتكلمون سراً حتى لا يسمعهم الفقراء والمساكين ..فقد كان أبوهم يخبر الفقراء والمساكين بموعد الحصاد .. وينادى عليهم ليذهبوا معه وليأخذوا كل ما تشتهيه أنفسهم ..   وأقسموا بالله ألا يدخلنها اليوم عليهم مسكين .. وعندما وصلوا الى البستان وجدوه محترقا وكل الثمار سوداء فنظنوا أنهم قد ضلوا الطريق ودخلوا بستانا غير بستانهم ..
ثم نظروا جيداً فتأكدوا أن هذا هو بستانهم وأنه اصابه عذاب من عند الله .. فأحرق كل ما فيه ( بل نحن محرومون ) أى نحن لم نُخطئ الطريق بل حُرمنا من تلك الثمار بسبب   سوء نيتنا  .. (قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ ) لقد ساق الله تعالى هذه القصة ليعلمنا أن مصير البخيل ومانع الزكاة إلى التلف ، وأنه يضنُّ ببعض ماله فى سبيل الله فيهلك كل ماله مصحوبًا بغضب الله ،
ولذلك عقب تعالى بقوله
{كَذَٰلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَ‌ةِ أَكْبَرُ‌ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}


هذه القصة لا يكاد يخلو منها زمان ولا مكان فهى تتكرر فى كل يوم 
إنه الحرص على الدنيا وزينتها الفانية
وعدم الإحساس بآلام الفقراء واليتامى والمساكين
الذين أوجب الله لهم الحق فى هذا المال الذى يجمعه الأغنياء
ليعيش المجتمع المسلم فى وئام ومحبة وليخرج الغل والحقد من قلوب الفقراء على الأغنياء

هناك 4 تعليقات:

  1. صباح الغارديينا مروة
    يالله كم أتألم حين أقرأ عنهم أو أشاهد فيديوهات تحكي معاناه بشر تجردت من أبسط حقوقها طعام وسكن وظل يأويها بأمان أتعجب من قلوب البعض وقسوتها وأتعجب كيف لمن أمتلك المال ألا يمد يد العون لهم وكيف لحكومة ترتضي لنصف شعبها أن يعيش حياة البؤس والعوز في وطنه لهم الله فهمم يمتلكون الصبر والإيمان بالله ليس سواه سلاحهم لتحمل قسوة هذا المجتمع "
    ؛؛
    ؛
    لروحك عبق الغاردينيا
    كانت هنا
    reemaas

    ردحذف
  2. بسجل إعجابي هنا للمرة التانية بكل حرف كتبتيه في هذه التدوينة الرائعة

    ردحذف
  3. وجعتي قلبي يا مروه
    تعرفي ال يوجع كمان ايه
    ان يبقي في وسط مكان مليان سكان شارع ولا حاره
    رجل عجوز نايم علي الارض في عز البرد حواليه شويه اكياس وكوفرته قديمه
    بيدور علي اكله في صناديق القمامه
    وكل ال يعدي عليه يقرف منه
    ولا حد يعطف عليه ويؤويه ولا يطعمه
    كان الرحمه ماتت في القلوب ومعدش حد بيحس
    الناس دي يمكن مستقويين ببعض
    بيقسمو اللقمه عليهم بين بعض
    ربنا يرحمهم برحمته

    ردحذف
  4. دوما الإستكشاف متعة وسعادة،وفي عالمنا عوالم لم نكتشفها-كلنا أو بعضنا- بعد،وانت هنا يا مروة قد قدتينا في رحلة إستكشاف لعوالم إستكشافها لم يسبب لنا متعة كعادة الإستكشاف،ولكن سبب لنا ألم وحزن ووجع،ربما المرجو هنا ان لا نكتفي بهذا الألم والتأثر-إن كان حدث!-بل ان نتحرك-كأشخاص قبل المسئولين أو المؤسسات- لدمج هذه العوالم المليئة بالجروح والألام والحزن في عالمنا،حتى يتشاركوا معنا الحياة الني نحياها بعيدا عن الموت الذي يعيشونه في كل لحظة،أن نعرف ونطبق معنى التكافل والرحمة، ومعنى الإرتباط والإخوة الإنسانية،فعادة الشعور بالحزن والأسى على شخص ما، لا يطعمه من جوع ولا يلبسه ثوب يقيه برد الشتاء،الأمر يحتاج منا كبداية نظرة بسيطة وفي محيط محدود،فلو أن كلا منا نظر في شارعه أو قريته أو مركزه،لأستطاع ان يكتشف المحتاجين من حوله ولأستطاع بكل الراغبين في الخير أن يساعدهم ويصلح من حالهم،ووقتها سيتسع نطاق عملنا مع إتساع رقعة الخير في قلوبنا.
    كل التحية مروة،وجزاك الله كل الخير على طرح هذا الموضوع.

    ردحذف