الاثنين، 2 يوليو 2012

الحيلة الشيطانية ( الجزء الأخير )

                                     

                                                        ( ما لا يصدقه عقل !! )

ومرت الأيام والأسابيع .. وما تزال علاقتهم جميلة ومنضبطة المواعيد .. كل يوم تنتظره رهف أمام شاشة الكمبيوتر ليأخذها الى عالم الحب والأحلام 

وبعد شهور من الرسائل الغرامية الشبه يومية .. أخبر أحمد رهف أنه يريد أن تتجسد علاقة حبهم على أرض الواقع .. فسألته رهف كيف ؟؟
فأجابها أحمد بأن ترسل له صورتها وهو أيضا .. ويتحدثوا عن طريق الهاتف ثم اللقاء في اي مكان عام تمهيدا لاخذ خطوة نحو

الارتباط بشكل رسمي اي التقدم لاهلها وطلب يدها

صمتت رهف .. لم تغضب و ترفض طلبه ,  وأيضا لم توافق بلا تردد  كما توقع أحمد  ..
فحاول أحمد أن يطمئنها .. أن يجعلها تثق به .. أخبرها أنه يحبها ولا يريد بها الشر .. وبعد محاولاته المستميته فى اقناعها
مازالت رهف حائرة وطلبت منه أن يتركها حتى تفكر
وتركها أحمد لتفكر على  أن يسمع جوابها فى الغد ولا ينتظر منها سوى الموافقة لأن ذلك ما ستدلل به على قوة حبها له


خرجت رهف من عالم الأحلام .. أصبحت  حائرة مترددة  .. تفكر وتتسائل
هى  تحبه ..  فلم لا تقابله أو تحدثه ؟؟
لِمَ خافت وترددت ورفضت  ؟؟
لم لم تفكر من قبل فى مصير قصة حبها ؟؟
أتنتهى بالزواج أم بالفراق ؟؟
أصاب جسدها موجه بارده وأحست بقشعريرة تسري في جسدها لمجرد أن طرأت كلمة الفراق على بالها .. شعرت أنها لن تستطيع الاستغناء عنه ..
هى تحبه وتعلم أن حبها غير مجسد على أرض الواقع .. ولكنها تخشى الفشل  .. تخشى صدمة اللقاء .. أن تفقد حلمها الذى ملء حياتها .. أن  يبعد عن حياتها ويتركها وحيدة بعد أن أصبح ملاذها وكل حياتها  

أصبحت  الفراشة تحلق حول جمرة من اللهب .. تقتر ب منها تارة وتهرب منها تارة أخرى ..
.. فحرصها على عدم فقدانه أوقعها فى حيرة بالغة أرقت مضجعها وباعدت بين جفنيها النوم

كانت خائفة غاضبة ثائرة .. من طلبه الذى أيقظها وأخرجها من عالم الأحلام ووضعها فى مواجهة مع الواقع الملىء بالاحتمالات الكثيرة .. فهى كانت تكتفى بتلك العلاقة الافتراضية التى تشبع روحها واحتياجها للحنان والحب
وعندما جاء موعدها مع عالم الأحلام .. لأول مرة لم تكن رهف تنتظره بشوق  .. فمازالت حائرة وخائفة من الفراق .. تمنت لو توقف الزمن قبل أن يطلب منها أحمد هذا الطلب .. تمنت أن تعيش فقط فى عالم الأحلام

ولكنها فى النهاية قررت أنها ستحدثه بعقلانية فهو دائما كان يمتدح عقلها وتفكيرها .. ستقول له أنها تحبه وتتمناه شريكا لحياتها  وأنها أيضا تريد رؤيته واقعا لا افتراضيا ولكنها مازلت بحاجة الى مزيد من الوقت حتى تخطو تلك الخطوة الجريئة

وعندما أخبرته رهف بما قررت .. استسلم أحمد على مضض لرفضها  .. أخبرها أنه سينتظر حتى يحوز على ثقتها الكاملة وأنه لن يطلب مقابلتها أو رؤيتها  مرة أخرى لأنه لا يسعده أن تضغط على تفسها وتفعل شىء ضد رغبتها فقط لارضائه
زاد حب وتعلق رهف به عندما  قال لها هذه الكلمات .. وعادت الفراشة مرة أخرى تحلق بسعادة فى عالم الأحلام   بعد أن اطمئنت أن فارس أحلامها  لن يخرج من عالمها بعد أن أصبح ملاذها الوحيد

لم تفرح الفراشة كثيرا  .. فبمرور الأيام بدأت المحادثات بينهم تقل والرسائل الغرامية الشبه اليومية أيضا تقل ثم انقطعت
اندهشت رهف من تغيره المفاجىء نحوها وعندما كانت تتسائل عن السبب لا تجد غير الاعتذار  بمبررات لا يصدقها عقلها ..
شعرت رهف بالفراغ والبرودة تعبث بكيانها والحيرة تمزقها .. بدأت تحدث نفسها .. عادت تجلد نفسها مرة أخرى
 أخبرتك أنه سيلهو بقلبك ويتلاعب بمشاعرك ..
 ألم أنبهك أن لا تصدقى قلبك ؟؟
أكنتى تعتقدى أن قصة حبك استثناء من القاعدة والنهاية المعروفة لتلك القصص ؟؟
لقد تبدل الشاب اللطيف بعد أن تأكد من تعلقك به  ..  مثله مثل غيره من الذئاب البشرية .. كان يغلف وحشيته بغلاف رقيق من الحنان والطيبة المزيفة .. كان يرتدى قناع العاشق الحنون ولكنه مل الانتظار والأن يضغط عليكى
ألا تشعرى أنه تغيره وغيابه بدون عذر تهديد غير مباشر لكى بالهجر .. بقطع العلاقة حتى تضعفى وتستسلمى وتوافقى على كل ما يطلبه منكى بارادة مسلوبة خوفا من فراقه ؟؟
هكذا ظهرت الجلادة مرة أخرى لتنزع رهف من عالم الأحلام وتعيدها الى الواقع وتضعها أمام الحقيقة

ولكن أيضا  العاشقة الحالمة  عادت لتدافع عن حبيبها الغائب  وتنفى أنه يضغط عليها ويهددها بالهجر  .. وتركت قلبها يبرر ويختلق له الأعذار
وهكذا مضت الأيام ورهف تتأرجح بين سلبا وايجابا  .. بعدا وقربا .. تشعر بالحنين له تارة وبالغضب من نفسها والثورة عليها تارة أخرى.. فعندما تنقطع أخبار أحمد بالأيام تسوء حالة رهف  الى أن يأتى الموعد الأخر فتدب فيها الحياة مرة أخرى .. ويعود بعذر جديد ويؤكد حبه اشتياقه لها فينتزعها من الحرب الدائرة بداخلها وتنسى كل شىء لتحلق معه مرة أخرى فى عالم الحب
ثم يعود ويختفى مرة أخرى .. فتعود الجلادة لتردد نفس كلماتها   ولا تجد العاشقة الحالمة ما تدافع به عن حبيبها فتنزوى داخل نفسها خجلا من نفسها  .. حتى عادت مرة أخرى وردة ذابلة باهتة اللون متعطشة للحب والحنان .. تنتظره حتى ترتوى وتعود الى الحياة

ازداد نحول جسدها وأصبح تفكيرها قاتم والرؤية أمامها مشتتة
وكالعادة لم يهتم أحد من والديها  بشرودها وحيرتها والصفرة التى اعترت وجهها من طول السهر وجهد التفكير .. فازدادت عزلة وانطواء عنهم أكثر .. وأصبحت تتخبط أكثر وتساؤلاتها التى لا تنتهى تضعها أمام الحقيقة التى لا تريد مواجهتها .. وتدفعها الى المصير الذى انتهت اليه  .. الى النهاية التى تخشاها والتى لم تتمناها  لقصة حبها التى أصبحت بطلتها بارادتها
ولكنها كانت تهرب من المواجهة .. تهرب من نفسها .. تكذبها  ..  ومازلت تكذب نفسها وكل يوم تنتظره بالساعات وعيناها معلقه بشاشه جهاز الكمبيوتر
 منتظرة أن يظهر اسمه على قائمه المتواجدين فى موقع للدردشة .. تنتظره لعله يدخل فينير حياتها التى عادت للظلام مرة أخرى .. تحتاجه ليعيد للكلمات بريقها ويبعث البهجة فى حياتها والبسمة فوق شفتيها وكلما تحركت عقارب الساعة دقيقة يدب اليأس فى داخلها ويتشتت أملها فى ظهوره .. فتبعث اليه بالرسائل تستطعفه وتستجدى مشاعره ليعود الى حياتها مرة أخرى

وفى النهاية انهارت مقاومة رهف ..
قررت أن تستسلم لرغبة قلبها الذى لا يقوى على الفراق .. 
فأرسلت له الرسالة التى ينتظرها
( كتبت له رقم هاتفها وأرسلت له صورتها .. انتظرت  بلهفة وشوق أن يحادثها وهى تظن أن الأمر سينتهى عند هذا الحد  .. أنه سيعود الى حياتها مرة أخرى ..  لا تعلم أنها  وقعت الفريسة فى الفخ المحكم  .. فخ دبرته لها فتاة من بنات جنسها )

استيقظت رهف على رنين هاتفها .. فتحت عينيها المثقلتين بالتعب والنعاس .. ألقت نظرة على الهاتف .. كان رقم بدون اسم ..  استردت وعيها بالتدريج وتذكرت أنها أرسلت رقم هاتفها لأحمد قبل أن تنام
انتفضت رهف جالسة ..  زادت ضربات قلبها عندما توقعت أن يكون هو .. وحدقت فى الهاتف بارتباك ودهشة 
 سكت رنين الهاتف بعد أن أخذت رهف وقت طويل لتستوعب تلك المفاجأة .. لم تكن تعلم أنه سيتصل بها بهذه السرعة خصوصا بعد مدة اختفائه الطويلة عن شبكة الانترنت
عاد رنين هاتفها مرة أخرى .. ارتبكت .. ارتعشت .. ترددت .. وفى النهاية تشجعت وضغطت زر قبول الاتصال قبل أن ينقطع مرة أخرى .. وبيدين مرتعشتين قربت الهاتف من أذنها 
وأجابت بصوت خافت وبنبرة مرتجفة : 
سلام عليكم

تفاجأت رهف عندما سمعت صوت أنثوى يقول بنبرة سخرية :
الله صوتك حلو أوى يا حبيبتى  .. ياااااه أخيرا سمحتيلى أسمع الصوت الجميل ده .. بصراحة يستاهل التعب اللى تعبته علشان أسمعه
بس واضح انك لسه تعبانة .. سلامتك ياروحى .. وألف بعد الشر عليكى من الموت .. ان شاء الله أنا ولا انتى
أنا أول ما عرفت انك هتموتى من الخوف والقلق عليا .. كلمتك على طول
ها قوليلى  عاملة ايه دلوقتى  ؟؟
مش ارتحتى برده شوية لما سمعتى صوتى .. وأنهت كلماتها بضحكة باردة ساخرة صارخة قوية

لم تجب رهف .. كانت صامتة متفاجئة خائفة حائرة مرتبكة  مشمئزة من الطريقة الجريئة التى تتكلم بها تلك الفتاة  ونبرة صوتها الساخرة وقبل أن تقول لها  أن النمرة خطأ
فاجأتها بمنادتها باسمها 
رهف .. رحتى فين ؟؟ هاتفضلى سايبانى أتكلم لوحدى وتحرمينى من صوتك الجميل تانى ؟؟
صمتت رهف قليلا مزدردة ريقها ثم تكلمت  بصوت منتحب ومرتعش ومتلعثم 
انتى مين ؟ وعرفتى اسمى منين ؟؟ !
علت قهقهاتها الساخرة مرة أخرة .. وأجابت بلهجة استعلاء وسخرية :
بسرعة كده نسيتينى يا قمرى علشان غبت عليكى كام يوم .. ده انتى على كده  طلعتى معندكيش أى وفاء
نسيتى عشرة تسع  شهور .. ده انتى تعبتينى أوى فيهم بس فى الأخر برده اتكشفتى على حقيقتك ..
ما انتى زينا أهو ..  حلوة ومرنة وليكى فى أى حاجة  
أومال كنتى عاملة فيها ليه خضرة الشريفة والملاك البرىء النقى اللى مش بيغلط ؟؟
راح فين  الأدب والأخلاق والقيم والمبادىء اللى كنتى بتتكلمى عنهم ..
راحت فين البنت العاقلة اللى ملهاش فى أى سكة غلط .. البنت الرقيقة اللى  عندها مشاعرها غالية أوى ..  اللى  بتنصح وتقول ده غلط وده صح ..
راح فين كل ده ..  كان مجرد قناع .. ولا الموضوع لما جه عندك بقى صح وينفع  ..
ايه يا حلوة مش بتردى ليه ..  كنتى فاكرة نفسك نادرة واستثناء فى أى حاجة ؟؟

زاد شحوب وجه رهف .. وعلت الصدمة والدهشة ملامحها .. عجزت عن النطق عن الحركة
لم تعد قادرة على أن تعى أى شىء مما يدور حولها .. ظنت أن احدى صديقاتها تمزح معها .. فاستعرضتهم فى ذهنها واحدة واحدة .. وهى تستمتع الى  تلك الفتاة وكلماتها الجارحة التى تصفع وجهها وتضرب رأسها بشدة وقسوة كأنها حمم بركان غاضبة تتناثر بداخلها وتمزقها من الألم

أكملت تلك الفتاة كلماتها بنفس النبرة المتعالية المستهزئة :

بس والله صعبتى عليا .. كان بيقولوا عليكى عاقلة  وملكيش  فى الاسطوانات المشروخة دية
وفى الأخر طلعتى طيبة وهبلة وبيضحك عليكى بكلمتين حلوين

وتعالت القهقهات الساخرة مرة أخرى ثم أكملت
أه نسيت صح .. أنا لحد دلوقتى معرفتكيش بنفسى .. أناااااااااااااااااا
ولا أقلك أحسن أدخلى على الفيس دلوقتى .. ليكى عندى مفاجأة تجنن زى شكلك بالظبط يااااااااا أميرتى
وتعالت الضحكات الساخرة .. ثم انقطع الاتصال

 انتهى الاتصال وأطبق الصمت المخيف ..  كل شىء صامت .. الصمت القاتل الذى يحدث ضجيج مزعج  بداخلك فيمزقك من الألم  ..
جسد جامد كالتمثال .. وجه شاحب مخيف يشبه وجه الموت .. سحبت منه الدماء تماما
نبضات مضطربة .. أنفاس مرتجفة .... و عينين زائغتين شاردتين تلمع بدموع حبيسة وترمق الهاتف بذهول .. وتمتمات مرتعشة تردد : 
أميرتى .. تلك الكلمة الجميلة التى كان يكتبها  لها أحمد دائما .. الكلمة التى جعلت قلبها  يرتجف فرحا .. كانت تشعر بها  عندما  كان يكتبها ..
 أنتى أميرتى ..  أميرة قلبى وحياتى 
تتخيله يرددها وتتمنى أن يأتى اليوم الذى تسمعها منه 


مازلت الصورة أمام رهف مشتتة .. شعرت أنها فى أعمق أعماق الأرض التى خسفت بها الى ظلمات سحيقة
  لترفض تصديق  ما سمعته .. وما شعرت به .. نظرت حولها بخوف وذعر وهى تتمنى أن يكون كل ماحدث حلم .. ضربت وجهها بيديها لعلها تستيقظ من ذلك الكابوس المزعج .. ولكن لم يتغير شىء  .. توهمت أنها تسمع ضحكة الجلادة الساخرة منها .. ودموع ونحيب العاشقة الحالمة

تحاملت رهف على نفسها وجرجرت قدماها التى لا تقوى على الحركة .. مازلت ترفض تصديق أن كل شىء حدث حقيقة .. جلست أمام شاشة الحاسوب .. وبيديها المرتعشة ضغطت أزرار الكيبورد  وفتحت حسابها على الفيس بوك
وجدت رسالة من أحمد ..  فتحتها وهى خائفة جداا  .. وجدت بالرسالة رابط  ..ازداد توترها وخوفها ..شعرت أن روحها تسحب منها ولكنها  تماسكت و ضغطت علي الرابط  لترى شىء لم تتوقعه أبدا ..شىء لا يصدقه عقل

رأت  موضوع منشور على نفس الجروب الذى تعرفت على أحمد من خلاله يحتوى على صورتها التى أرسلتها لأحمد بعد تكبيرها وتركيبها على صورة أخرى خادشة للحياء .. ونُشرت معه محادثاتها مع أحمد طوال الشهور الماضية .. وعنوان الموضوع 
( رهف فى حلها الجديد  ..
رهف ..  البنت العاقلة .. العفيفة الشريفة .. الملاك البرىء .. مجرد قناع )
وفى نهاية الموضوع ( بالذمة ايه رأيكم فى رهف الحقيقية .. مش برده تقول للقمر قوم وأنا أقعد مطرحك ؟؟ )

لم تستطع رهف تحمل الصدمة  .. دارت الدنيا بها و أظلمت  فى وجهها .. سقطت مغشية عليها ودوى صوت ارتطام جسدها على أرضية غرفتها المظلمة ليبدد السكون والصمت المخيف

كانت تلك الصدمة كافية لتدمير رهف .. ولكن الصدمة الأكثر وقعا عليها هى أن أحمد .. فتى أحلامها الذى أحبته  ومن أجله تخلت عن كل ما كانت تؤمن به .. كان وهم صنعته تلك الفتاة

تلك الفتاة  التى لم تتحمل تهافت الشباب والفتيات على الحديث مع رهف والتقرب منها .. و لم تتحمل أن يصفوها بأنها شخصية نادرة فى رقتها وطفولة وبراءة مشاعرها التى تحميها وتصونها باتزانها وخلقها وعقلنيتها
لم تستوعب عزوف الجميع  عنها بعد أن كانت محط أنظار ومحور اهتمام الجميع .. بعد أن كانت كالقمر المضىء يبهر الجميع بنوره الساحر  ..
تلك الفتاة رأت أن رهف سرقت منها الأضواء بحديثها الممتع وحضورها المميز  .. بتميزها واختلافها عن الكثير من الفتيات الاتى فى مثل سنها  .. بكلماتها وتعليقاتها التى كانت تعكس روحا رقيقة وعقلا راجحا

اشتعلت نيران الحقد والغيرة فى قلبها عندما وجدت أصدقائها الذين كانوا يتمنوا رضاها .. يصرخوا مدافعين عن رهف عندما كانت تقول لهم ( مش عارفة انتم مستحملينها ازاى ) ..
 فهى  من الفتيات الاتى يحبوا الهزار والفرفشة طوال الوقت .. ولا تطيق الفتيات المشابهين لرهف .. لا تحب نصائحهم ومثاليتهم الزائدة..  تقول عنهم ( معقدين ) .. فهى لا يوجد فى قاموس تعاملها كلمة لا .. كل شىء مسموح .. المهم أن يسعى الجميع لطلب رضاها فهذا يرضى كبريائها ويشبع غرورها الأنثوى ورغبة التميز لديها

ولكن كل شىء تبخر عندما ظهرت رهف فى الجروب .. وجدت الجميع يمتدحها ويقولوا عنها
الفريده من نوعها التي ليس لها شبيه بين بنات حواء .. و أنها برغم طيبتها ليست فتاة ساذجة تسحرها كلمات الحب الزائفة
وبرغم رقتها ونعومتها فهى حازمة كالسد المنيع أمام أى شخص يهوى التسلية .. فهى ترفض أن تكون مرحلة عابرة فى حياة رجل يهوى التسلية والمتع الوقتية

قررت أن تنتقم.. دبرت حيلة شيطانية للتخلص منها .. أن تتلاعب بمشاعرها وتخدعها لتقع فى الفخ المحكم الذى دبرته لها بمهارة واتقان .. ولكنها خدعت نفسها قبل أن تخدع رهف .. أقنعت نفسها أن كل الصفات الجميلة التى تتحلى بها  رهف مجرد قناع .. ولذلك ستفعل  أى شىء لتُظهر حقيقتها الزائفة أمام الجميع  .. ستسقط عن وجهها قناع المثالية الزائف وتجردها من ثوب النقاء الذى ترتديه

ولأنها فتاة ذكية .. تستطيع قراءة الشخص الذى تحدثه وتتعامل معه حسب شخصيته .. استطاعت أن تقتحم عالم رهف
كان عليها أن تبذل المزيد من الجهد حتى تطمئن لها رهف .. وتعتاد على وجودها فى حياتها بشكل أساسى
 أصبحت مثل العنكبوت ينسج خيوطه بمهارة حول فريسته ويلتف عليها من كل جانب  و وما أن يتأكد أنه أحكم قبضته على فريسته  يبدأ بالهجوم ..
فبعد أن تأكدت  من تعلق رهف بها .. بدأت بالهجوم النفسى .. الضغط  والبعد .. ثم الرجوع والاعتذار  وهكذا حتى تدمرت مقاومة رهف  ووقعت فى الفخ المحكم  مستجيبة لجميع رغباتها بارادتها المسلوبة تحت ضغط شعورها بالحب وخوفها من الفراق ..
أرسلت لها الصورة ورقم الهاتف .. ووصلت هى الى النتيجة التى خطتت لها بطريقة شيطانية  .. كسبت معركتها و تخلصت من الفتاة المثالية المعقدة  التى سرقت منها الاضواء.. أرضت غرورها ودمرتها بعد أن تلاعبت بمشاعرها بحيلة شيطانية

تمت

 **********************************************************************


                                               الواقع البديل

علاقات الشبكة العنكبوتية  أو كما أطلق عليها   ( أ/ أحمد أحمد صالح  ) .. علاقة النصف واقع 
بها تختلف الشخصيات .. وتتشابه الأحداث .. تتفاوت الأحاسيس وتتشابه النهايات ولكنها تتفاوت فى حدة الألم الذى يعود على أبطال القصة والتى تغير الكثيير من  ملامح روحهم النقية  .. فالاحتمالات كثيرة والصدمات العاطفية مؤلمة جدا ..

الاحتمال الأقوى لتلك العلاقة هى الفشل والألم ولكن نادرا ما يكون هناك استثناء للقاعدة 
1 ) نادرا ما تكون النهاية السعيدة عندما يكون الاحساس صادق من الطرفين .. أى أنه ليس بذئب بشرى وهى ليست امرأة لعوب  ..  فيتصارحا ويقرروا المضى فى خطوات تحافظ على نقاء تلك المشاعر .. واما أن يتحقق الانسجام أيضا فى اللقاء على أرض الواقع  كما تحقق فى العالم الافتراضى خلف شاشة الكمبيوتر وتنتهى تلك القصة النهاية الصحيحة  ويتوج ذلك الحب بالزواج .. واما أن ينتج صدمة اختلاف الصور الواقعية عن الخيالية .. أى أن الصورة الحقيقية تختلف تمام عن ما رسم له فى مخيلة كل طرف وفى الغالب يتجاوزوا تلك الصدمة سريعا لأنهم كانوا يعيشوا وهم الحب لا الحب ذاته .. وتنتهى تلك العلاقة وتتدمر مع تدمر تلك  الصورة التى رسموها وأحبوها فى خيالهم  

واذا تجاوزوا صدمة اللقاء ووجد كل منهم الأخر قريبا للصورة التى رسمها فى خياله .. سترسى سفينة حبهم على شاطىء الاستقرار .. الزواج .. واما أن تدوم تلك المشاعر  ويقوى الحب  مع الأيام  فينجح زواجهما وتستمر سفينة حبهم فى المضى مستقرة متغلبة على جميع العواصف والأزمات

أو تغرق سفينة الحب مع هبوب أول عاصفة .. وتنتهى تلك العلاقة عندما يجدوا فرق شاسع بين الشخصيات التى أحببوها وتعلقوا بها على الانترنت والشخصيات التى صدموا بحقيقتها فى الواقع .. عندما يكتشفوا أنهم كانوا يرتدون نظارات وردية اللون يروا من خلالها الحياة أنها قطعة من مدينة الأحلام وبمرور الوقت وظهور المشاكل وفقدان الثقة تتلون تلك النظرات الوردية بالسواد
فيبدأ كل واحد منهم التخلص من قيد تلك النظارة التى أحال الواقع لونها الجميل الى السواد .. وتنتهى قصة الحب بالانفصال  لعدم القدرة على الاستمرار والتكيف مع قسوة الحقيقة

2 ) وغالبا ما تكون نتيجة العلاقة نهاية حزينة مدمرة
عندما يكون أحد الطرفين من ممارسين ارتداء الأقنعة المختلفة التى يبدلها بتبدل المواقف والشخصيات   .. فعندما يشعر بضياع الطرف الأخر  ويلمس احتياجه للاحتواء .. يسارع بارتداء القناع المزيف المناسب .. ويخطو نفس الخطوات التى فعلها من قبل حتى اعتاد عليها وأصبح يتقنها بمهارة وأصبحت تأتى  بنتائج مبهرة  ولذلك فهو لا يأخذ الكثير من الوقت لاقناع الطرف الأخر بقناعه المزيف     
يصبح مثل العنكبوت ينسج خيوطه بمهارة حول فريسته ويلتف عليها من كل جانب  و وما أن يتأكد أنه أحكم قبضته على فريسته  يبدأ بالهجوم ..
فبعد أن يتأكد  من تعلق الطرف الأخر به .. يبدأ الهجوم النفسى .. الضغط والبعد .. ثم الرجوع والاعتذار  وهكذا حتى تتدمر مقاومة فريسته  وتقع فى الفخ المحكم  مستجيبة لجميع رغباته وينجرفوا معا فى الطريق الذى ليس له عودة .. 
وعندما تتساقط الأقنعة التى أجادوا استخدامها وتفننوا فى تثبيتها على وجوهم .. تتساقط معها الكثير من المعانى بداخلهم وحولهم ..  تتحول جميع الكلمات المعسولة والوعود الكاذبة الى تهديد وتجريح واهانات من الطرفين .. فتنهار مدينة الأحلام  فوق رؤسهم .. ويخرجوا من تحت الأنقاض أشباح .. مجرد بقايا بشر .. فقدت رغبتها فى الحياة بفقدها لأحلامها ومشاعرها .. وبفقدها للثقة بأنفسها وبالأخرين .. وتبقى فى حالة مؤسفة من الدهشة والندم والذهول

وأحيانا تكون النهاية أبشع من ذلك  .. مثلا  للفتاة
تهديد بصور تخاف نشرها ..  فوقوع فى الذنب الذى يبغضه الله فينتج جنينا يتحرك في احشائها يهددها بانكشاف أمرها .. وفضيحة تنتظرها وتهدد سمعة أهلها  ..  وعاشقاً بدأ يتهرب منها وتخلى عنها ليتركها وحيدة فى وحل الندم والحسرة ..
ولا تعلم ماذا تفعل .. فتفكيرها أصبح قاتم والرؤيا أمامها مشتتة .. كل شىء تكالب عليها والشيطان تغلب عليها ليدفعها الى حل واحد ينقذها ويريحها .. وهو الانتحار .. الهروب من الخطأ والذنب بخطأ  واثم أكبر 

عندما نصل الى  النهاية المؤلمة ونستيقظ من الوهم .. نقول أننا كنا ضحايا .. ضحايا جمود مشاعر الوالدين .. اجواء اسريه متوتره .. أب مشغول لا يستحق هذا اللقب  ام مهملة عصبيه لاتعرف التفاهم واخوة قساة لا يهمهم الا أنفسهم  ..
ضحايا طلاق .. أب متزوج وأم متزوجة وابن يفتقد للحنان من صغره .... ضحايا مجتمع قاسى  وأسباب ليس لهم ذنب بها ..... الى ما لا نهاية فالأسباب كثيرة والنتيجة واحدة .. هى احتياجهم للحب والحنان

ولكن اذا تكلمنا بواقعية .. ( الفتاة أو الشاب ) ليسوا ضحايا للحد الذى تصوره تلك الحكايات والنهايات المتشابة .. فما حدث حدث بارادتهم لا رغما عنها .. بارادتهم هربوا من واقعهم القاسى وصنعوا لهم واقع بديل بارادتهم تركوا مشاعرهم تغتصب وتستنزف  .. وأحاسيسهم تستهلك .. خدعوا أنفسهم وكذبوا عليها ولجأوا الى الحل البديل ثم برروا لها الخطأ
أصبحوا مذنبين .. مذنبين فى حق أنفسهم ومشاعرهم وأهلهم ومبادئهم وأخلاقهم ودينهم .. ومذنبين أمام الله
وكان تبريرهم ( احتياجهم للحنان والحب .. لصديق يتفهمهم يشعر بهم يحتويهم ..........  )


قال تعالى ( لقد خلقنا الانسان فى كبد )
بمعنى  أنه يكابد الشقاء والضيق والتعب والأوجاع والأحزان منذ ولادته .. ويتقلب من حال الى حال .. بين السعادة والشقاء الى أن يستقر به القرار اما فى الجنة أو النار
وهناك الأعذار والمبررات لا تجدى .. الخطاء خطاء

فلا يوجد انسان مرتاح أو سعيد دائما مهما امتلك من أسباب السعادة .. جميعنا نمر بلحظات كثيرة من الوحدة والضعف .. نحتاج الى من يحتوينا ويشعرنا أنه دائما بجانبنا
ولكن هذا ليس مبرر أن نلجأ الى حل بديل يشعرنا ببعض السعادة المؤقتة التى تنتهى عندما نستيقظ على ألم شديد ووحدة قاتلة  وندم شديد يغرقنا فى بحور من الندم والحسرة  ..

الحب رزق و نعمة كبيرة .. أحلى رزق ربنا بيرزقنا بيه
قال الرسول صل الله عليه وسلم عن السيدة خديجة رضوان الله عليها 
(إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا)
 ولو رزقك إتأخر .. ده مش يديلك الحق إنك تحلل لنفسك الغلط
( ولا يحملنكم استبطاء الرزق .. أن تطلبوه بمعصية الله .. وأعلموا أن ما عند الله لا ينال الا بطاعة الله .. ومن تعجل بشىء قبل أوانه عوقب بحرمانه )

 لازم نحافظ على قلوبنا ومشاعرنا نقية  .. لازم نحس ان مشاعرنا غالية .. منندفعشى بيها ونفتح قلوبنا لأى شخص لمجرد اننا محتاجين الحب والحنان
لقد صدق من قال أن
( الحب متعة بشرط انه يحاط ببعض العقل )



(  أسفة على التأخير فى نشر الجزء الأخير .. وانى لغبطتكم وغيرت اسم القصة .. وعلى الكلام والرغى الكتييييييييييير 
يالا بقى الله يكون فى عونكم  ^__^  )

هناك 7 تعليقات:

  1. زي ما قلت .. كنت حاسس غن فيه مفاجأة في الأحداث
    وفعلا نجحتي في إنك تعملي أحداث ونهاية غير متوقعين .. على الأقل بالنسبالي

    جميييييييييييييييييل أوي بجد

    مبسوووووووط إني قراتها

    بالتوفيق دايما

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا جدا ويارب دايما تكون مبسوووووووط

      حذف
  2. روعة روعة روعة..
    أولا في النهاية الغير متوقعة تماما،و أيضا في مأساويتها،فالقصة العظيمة تنتهي بمأساةأو فاجعة !!
    ثانيا في تعقيبك الرائع جدا و الذي يأتي بمثابة دراسة إجتماعية و نفسية لهذه الظاهرة المنتشرة في المجتمع و بين فئات كثيرة و ليس قصرا على فئة الشباب..
    ليس عندي ما أضيفه فأستمتاعي بالقصة و بتعقيبك بعدها أنساني كل شئ !!
    ..تقبلي تحياتي و في انتظار جديدك الذي بكل تأكيد لن يقل روعة وجمال و اتقان عن مافات.

    ردحذف
    الردود
    1. تسلم يارب على كلماتك الجميلة وتشجعيك الدائم

      حذف
  3. انا بقالي ساعتين اجيب من الجزء الاول والتاني عشان اجيب القصه كامله تسلم ايديك يا ميروووووو جميله وتشد ونهايه قاسيه قوي وجديده
    تحياتي

    ردحذف
    الردود
    1. أسفة تعبتك
      شكرا على زيارتك للمدونة وتعليقك الجميل

      حذف
  4. عندك القدرة على السرد بالتفصيل ومع طول أى تدوينة إلا إنك تمسكين اللجام فلا تفلت منك الاحداث

    ملحوظة: ده تعليقى على أغلب التدوينات :)

    ردحذف