أن
تكون واعى /حاضر /مؤثر .... ربما لأنك رغبت ... بالبقاء ، بممارسة قواك
فى سباق الحياة واثبات قدرتها وفعاليتها على الاستحواذ/الفوز /التأثير ،
بأن تُبدى ردود أفعال تجعلك أقوى حضورا وأكثر هيمنة وأكبر تأثيرا ازاء فعل
الحياة ... ولكن ماذا ان بدأت تتقلص رغباتك تلك؟ ماذا ان أنهكتك الحياة
بـ تأملاتها وصراعاتها اللانهائية والتى باتت تفوق حدود ادراكك؟ ماذا ان بت
لا تملك طاقة للصمود؟ ماذا ان وجدت نفسك تهوى فى قاع بلا قرار بعد أن كنت
تحلق عاليا بسعادة وشغف؟ ماذا ان تزايدات الصراعات حولك وفى داخلك وتزايدت
معها رغبتك بفقدان الوعى؟ ماذا ان بدأت تروق لـ للتيه؟ راق له ما أبديت من
حماسة وشجاعة على التوغل فى العمق فـ أراد أن يستمتع أكثر بالتحدى معك ..
بإستدراجك للولوج الى متاهات لا تنتهى - متاهات غربة حسية وروحية ممتعة
وخانقة فى نفس ذات الوقت- لـ تغرق - بإرادتك - فى عمقها .. فـ العمق مُغرى
حد الغرق فيه! ولن ينقذك أحد .. ستكون غريبا ووحيدا .. اما أن تنجو بأن
تترك نفسك له وبالمقابل تستمتع " بإدراكه " بكل حواسك وبكل الطرق الممكنة
.. أو لا تستطيع استيعابه فـ تموت تيها وبوسا وهشاشة ووجعا مصدوم من كل شىء
.. من الحياة ، ومن نفسك ، من رفضك لما يحدث حولك ومعك ، من عجزك عن تغيير
أى شىء ، من هروبك من كل شىء لا تستطيع استيعابه ولم تعد تتحمله ، من
تفكيرك بطريقة تٌخلصك من ألم المعرفة/العمق .. ألم وعيك الحاد وادراكك
الحسى وارتباطك الانفعالى بكل شىء ، ..... وأكثر شىء يصدمك هو روحك التى
أُنهكت من كثرة التجديف عكس التيار فـ قررت أن تستسلم للتيه وتتخلى عنك ..
تغيب بلا عودة فى " موات ر وحى " تاركة خلفها آثر ما لتغريك باللحاق بها
...... فـ ماذا تفعل أمام اغرائـ - أن الانفصال/الغياب/اللافعل أكثر راحة
وآمنا -ها؟ ماذا ان بدأ يوافق هوى نفسك فـ بدأت تُلملم أمانيك وتُلقيها فى
عمق التيه؟ كيف ستُحارب استيطان التيه لدواخلك وهو دائما ما يبتكر آليات
مختلفة ويستقوى عليك بـ نفوذ جبارة؟!
..........................
"الفراشات"
تلك المخلوقات الرائعة الجمال .. نُشبهها قليلا .. حتما ليس فى الشكل ..
وانما فى شغفها للخروج ، مثلها كنا يرقة ضعيفة تستكين بين أحضان شرنقتها
الحنون تستمد منها الدفء والأمان لـ تنمو وتتهيأ للخروج .. وكم كنا شغوفيين
للخروج ! ليس رغبة فى التحرر والتحليق بقدر ما هو رغبة فى التخلص من
الحيرة .. حيرة الجهل .. فـ هناك خارج الشرنقة عالم غامض يهمس بإسمك
مناديا لـ تستجمع قواك وتسرع فى الخروج اليه .. وكلما نمت أجنحتك كلما اشتد
الصوت وكلما زاد خوفك وتشبثك بمكانك داخل الشرنقة التى باتت تضيق عليك وكل
محاولاتك للتقوقع أكثر وأكثر لن تُجدى .. لن تسعك .. وكأنها لم تكن
"محتوياك" بـ أكملك يوما ما .. ولكنك مازلت تُصر على عدم الخروخ فـ حتى وان
ضاقت فـ أنت مازلت تراها أكثر أمانا واستقرار ودفئا .. ولكن مازال يصلك
الصوت .. لم يكف عن دعوتك بأن تجد طريقك للخروج .. أن تختزل المسافات بين
الحلم والصحو ، الوعى واللاوعى ، الجهل والمعرفة ، .... وكلما تتوالى
الرسائل منه كلما تزداد حيرتك وعجزك عن الفهم .. حينها تُدرك أن لا مفر من
ألم المعرفة .. وكل ما عليك أن تفعله هو ... أن تضرب بأجنحتك الشرنقة
وتُحلق لـ تستكشف المجهول وتنتهى حيرتك ، أن تنسلخ عن عالمك المحدود لـ
تُدرك العالم الخارجى ، أن تتعرف على ذاتك على هويتك الحقيقية خارج حدود
شرنقتك ، ....الكثير والكثير لابد أن تُدركه ولكن بعد أن تستجيب للصوت ..
فقط خطوة واحدة وستتوالى الخطوات الى أن تصل الى العمق .. عمق
المعرفة/الوعى /النضج/الألم
وما ان تبدأ بالتحليق حتى تبدأ حواسك بالانتباه .. ترى /تشعر /تدرك أشياء كثيرة رائعة تُشعرك بالنشوة وتجعلك تلوم نفسك أنك كنت ستحرمها احساسا كهذا .. فقط لأنك كنت خائف ! ولا شىء يُخيف حولك .. فـ أنت لا ترى الا الجمال لا تشعر الا بالمتعة .. يُبهرك هذا العالم فـ تنساق للتوغل أكثر فيه .. ولا تشعر بنفسك الا وقد تحررت من حذرك وفردت جناحيك لـ تحلق بعيدا مشتاقا للمعرفة .. وكلما عرفت أكثر كلما ازداد نهمك أكثر وأكثر ... ولكن فجأة ترى عيونك مشهد مؤلم فـ ينفطر قلبك ويعجز عقلك عن استيعاب حدوثه و تمتلأ دواخلك بأحاسيس غريبة مزعجة تلتف سريعا حول روحك وتضغط عليها رويدا رويدا .. فـ تتمرد روحك وتستنكر ما يحدث ولا يتغير شىء .. فتُسرع لمساعدتها وتحاول ابعاد تلك الأحاسيس بالقوة فلا تستطيع .. فـ تترجى " أرجوك روحى تختنق أتركوها تتنفس " ... ولا أحد يُلبى رجائك ، فـ تبكى وكالطفل التائه تنظر خلفك تُريد العودة لـ شرنقتك الآمنة فـ تكتشف أنك ابتعدت كثيرا ولا سبيل للعودة مرة أخرى فـ لا تجد مفر من أن تُرغم نفسك على الابتعاد أكثر وأكثر .. على الغيبوبة عن كل ما قد تُلاحظه من أشياء قد تؤلمها والاكتفاء بـ متعة التحليق ... فـ تعود الى التحليق مرة أخرى .. ولكن تلك المرة تُحلق بـ عيون مقفلة وآذان موصدة حفاظا على دواخلك من الألم والتبلد .. ودون أن تشعر تجد نفسك مُتعثرة داخل متاهة فـ تحاول مقاومة الدوران فيها ومعها الى أن تننجح وتجد الباب لتخرج سريعا لـ تجذبك أخرى ثم تتحرر بعد محاولة أو أكثر .. الى أن تلج متاهة مُترعة بأفكار وأحاسيس مُتضاربة .. تحاول فك تشابكهم فـ تفشل .. تهرع الى الهرب منها فـ لا تجد باب .. تدور وتدور وتدور حتى تسقط فاقد الوعى .. وبعد القليل أو الكثير من الوقت - لا تعرف - تفق على أوجاع منتشرة فى أنحاء جسدك .. تبدأ تفقد مصادرها لـ تجد أن جناحيك تكسرا .. وجزء من دواخلك مفقود .. لا تُدرك ما هو تحديدا .. ولكن تشعر بـ فراغ من لم يعد موجودا .. فـ تصرخ لعل أحدهم يسمع صرختك ويساعدك ولكن يرتد صدى صرختك دون جدوى .. لا أحد .. أنت وحدك فى تلك المتاهة .. متاهة " الغرق فى الذات " فـ تنزوى وتبكى وحدك .. تبكى عجزك عن الاستيعاب/عن التغيير/عن التأقلم /عن المقاومة/عن التحليق والعودة مرة أخرى الى موطنك " شرنقتك الآمنة " .. وفجأة تنتبه الى حقيقة أنك هنا وحدك تقبع فى زاوية معتمة وباردة ولكنها تفصلك عن العالم الخارجى.. لن يصلك قُبحه لن يزعجك أو يؤلمك .. أنت بعيد جدا .. آخيرا عدت الى شرنقتك .. فـ تكفكف دموعك مرددا لنفسك فى حزم " لا أحد سيستطيع اخراجك من هنا مرة أخرى " .. وتبدأ سريعا فى أخذ احتياطات تُساعدك على الوفاء بـ عهدك .. فـ توصد أذانك جيدا وتتقوقع فى زاويتك أكثر وأكثر وتستكين دون أدنى حركة فـ ربما ضاقت عليك تلك المتاهة أو عاد الصوت ليزمجر بإسمك مرة أخرى ويجبروك على الخروج كما سبق .. وحين تهرع الى استكمال تعطيل بقية حواسك تشعر أن لا ضرورة لذلك .. فـ ذلك الجزء المفقود من دواخلك أراحك .. من عناء لجم أفكارك وحصرها فى اللاشىء ، من عناء الهروب من هوة الأسئلة التى ابتلعتك كثيرا، من عناء اغلاق كل المنافذ التى قد تسرب أى مشاعر تُضعف مقاومتك لـ فعل الحياة ، ........... أنت الآن أصبحت لا تكترث بما يحدث خارج المتاهة ولا بما يمكن أن يحدث ، فقد اختفى هذا العالم المخيف القاسى الذى كنت تدور فيه بلا توقف ... وأصبح عقلك فارغ بعد أن كان مُتخما بالأسئلة التى ليس لها إجابات .. وقلبك مُتبلد بعد أن كان مُثقل بالكثير من المشاعر ... وروحك هائمة بعد أن أُنهكت فى انتظار اللاشىء ... و أنت كففت تماما عن محاولة الحياة وانزويت بعيدا عن كل شىء ..هبط وعيك للاشىء .. وبت لا تُدرك ولا تريد ولا تنتظر أى شىء .. اخترت اللافعل /اللاتورط فى العالم الخارجى وغرقت أكثر وأكثر فى ذاتك ولا ترى أنك هكذا استسلمت .. فقد حاولت مرارا اختراق أبوابه وحواجزه الخفية ففشلت وسقطت متألم مع قدر لا بأس به من الجروح .. ولهذا يكفى .. يحق لك أن ترتاح بعد كل هذا الوجع ، أن تستكين وتهدأ وتطمئن بعد ما عانيت مع العبث ، أن تنفصل أكثر عن الواقع ، أن يتوقف كل الألم والجنون والغضب الذى عانيته بسببه ، أن تُسلم نفسك للتيه ... ليساعدك على التأقلم مع كل الاندهاشات التى لا تنتهى والتى صعب عليك استيعابها من قبل ، ليُجنبك الإحباطات المتتالية عندما تنتتظر/تتمنى شىء ما ولا يأتى/لا يتحقق ، لـ يجعل مشاعرك جافة مُتبلدة فـ يصبح كل شىء كـ اللاشىء والجميع سواء فـ لا تميل للمبالغة فى شعورك والشفقة على أحدهم أو على نفسك ، لـ يُخرجك من سباق الحياة القاسى و يُبقيك دائما فى دور المتفرج اللامبالى بما يشاهد أو ما سيحدث فـ تتوقف عن الركض ..ولا تتفاعل أو تُبدى أى ردود أفعال لا تفرح ولا تحزن لا تُحاول الاستنكار أو التدخل أو تخيل صياغة الحدث بشكل آخر يُرضيك، .......... وما أن تعلن هزيمتك أمام التيه سيحقق لك كل ما سبق .. فـ ذات يوم ستفق على حقيقة صادمة وهى " لم يعد يُناسبك شعور الاحتياج " على الرغم من أنك مازلت تشعر بوجود فراغ يمتد بداخلك ويؤلمك حد احتياجه بالامتلاء .. مازلت تُعانى انهيارات داخلية مُتعددة تُحاول دفنك تحت أنقاضها وأنت على قيد الحياة .. ولكنك الآن كففت عن الصراخ أو تلويح يديك لعل أحدهم يراك أو يسمعك ويحاول انقاذك .. كففت عن الاحتياج .. ومع انك كنت تريد ذلك ولكن وضوح تلك الحقيقة أمامك يصدمك ويشتتك للحد الذى يجعلك تنسى أو تتناسى هذا فـ تبدأ رحلة آخرى من الهروب بالبحث عن الأسباب .. تفسير لعدم الاحتياج - تبدأ من البداية- : ألأنك تعرفت بشكل صادم وغير متوقع على مدى رداءة الواقع ؟، أم لأنك مررت بتجارب قاسية سلبت منك موهبة الحلم والشغف وملأت دواخلك بـ مشاعر سلبية مكبوته لا تكون على وعى بها ولا تستطيع التحكم بها ان أُطلق سراحها؟، أم لأن الهزائم المتكررة لا تكف عن اللحاق بك وأنت تُجاهد لـ اعتياد تحملها ومحاربتها وحدك تماما .. ولا شىء أقسى من أن تعتاد على هذا ثم يأتى من يساعدك ويخفف عنك لـ يرحل تاركا اياك لا تستطيع تحمل ثقلها وحدك مرة أخرى؟ ، أم لأنك اكتشفت أن ما فقدته وما ستفقده لا يعود / لن يعوض .. ولذلك لا جدوى من أن تظل ممسكا بأمال واهية لـ تنقطع فجأة وتُسقطك؟ ، أم لأنه بات صعب عليك انقاذ ذاتك من الدوران فى متاهات لا تنتهى لذا بت لا تفعل شىء سوى محاولة التعلق بنفسك والتوحد معها لعلها تؤنسك وتُخفف عنك وأنت تغرق؟، أم أن ذلك الفراغ الممتد بداخلك اتسع حد احتواء غربتك وأوجاعك وحنينك وكل شىء فـ بت لا تأبه بمن يرحل أو يبقى؟ ، أم لأن الواقع أثبت بكل قسوة مدى اخفاقه فى أن يوفر لك مكان واحد .. يمتص كل هذا البرد الذى يصعق روحك بلا رحمة ، يختفى فيه كل هذا الوجع الذى يلتهم دواخلك بشراسة ليترك مكانها هوة سحيقة تعجز عن وصف تأثيرها عليك ، يحميك من الفقد والخذلان والخوف والشكوك والأسئلة والمتاهات، ..... مكان واحد تنتمى اليه بشدة؟ ، ام لأنه كان عليك اتقان دورك فى المتاهة حتى لا تطردك خارجها : وهو-الدور- أن تتفنن فى اضاعة أى فرصة قد تُعيدك الى العالم الخارجى، أن تقتل وفاءك لـ أى معنى بالحياة وتلتزم بقواعد وشروط متاهاتك فـ لا تفرح بـ من يطرق باب قوقعتك ولا تحزن أو تتمسك بمن يرحل ، أن تأخذ مسافة من كل شىء وتواجه العالم بشخصية أكثر برودا وأقل صخبا فـ تصمت وتسكن أكثر ولا تجادل ولا تبرر ولا تعبر ولا تشرح ولا تحاول فعل أى شىء، أن تدور فى ذلك الفراغ من حولك والذى يتسع يوما وراء الآخر ليفصلك أكثر عن العالم الخارجى و يشدك أكثر اليه لتدور ولا تستطيع الانفلات منه حتى وان أردت ..... فـ حتى وان امتدت يد لـ تنتشلك وتمسكت بها .. فجأة تكتشف أنك مازلت تدور .. ربما كنت تتوهم ولا وجود لـ تلك اليد .. وربما يداك أُفلتت منها .. وربما تركتها أنت رفقا بها .. لـ اكتشافك أن ما تشعر به خارج حدودها .. ما تشعر به ليس حزن أو وجع يهدأ حِدته مع الوقت ... بل غضب يُدمر أى أحد يقف أمامه .. و لا ينتهى ولا تستطيع دائما تفسيره ....... و حينما تأتى اللحظة التى تكتفى فيها دواخلك من غيوم اليأس التى تتكاثف فى سمائها .. تتمنى لو تُمطر تُلك الغيوم لـ تُريحك من ثقل حملها ، وحينما لا تستطيع التحمل و تُرهقك مشاعرك الغارقة فى الذبول والاكتئاب تحاول الاستنجاد بقوى معاكسة فـ تهرع الى لحظات الدفء الى بقايا أحلامك لعلها تنجدك من ذلك الغرق المميت فـ لا تجد بداخلك أو حولك أى قوى .. حينها تشعر أن دواخلك تحترق وحدها وأنت لا تستطيع مساعدتها .. أنت حبيس خارجك .. بت هكذا من فرط تحاشيك النظر اليك فى الداخل .. فـ حينما رأيت كل الضغوط تزحف تجاه دواخلك وتجتمتع لـ تلتف حول بقاياها من الرغبة فى الحياة وتخنقها وهى تصرخ لـ تُنقذها .. لم تفعل شىء سوى أنك أغمضت عيناك وأطبقت جفونك بشدة وسددت أذانك عن صراخها وتوسلاتها .. فـ كنت أول من خذلها وتركها .. والآن مهما حاولت اختراق حظر التجوال بداخلك ومهما حاولت التسلل والتلصص على عالمك الداخلى ستلقى بقسوة الى الخارج .. فـ نفسك المنزوية لا تحتاجك لا تُريدك بجانبها مهما حاولت أن تعتذر لها عن خذلانك لها .. ستختبىء منك ان حاولت أن تتدقق النظر فى دواخلك وتتأمل هذا الشخص الذى كنته ، لن تُجيبك ان صرخت بأعلى صوتك " أحتاجك ، أين أنتِ "؟ ، لن تشفق عليك ان حاولت استجدائها بالعودة بأن تروى لها أحوالك الحالية وكم أنت أصبحت أكثر قلقا وخوفا ومللا وغربة وموتا بعد أن كنت أكثر حماسا ومرحا وشغفا وحياة! ...... مهما حاولت معها ستعود الى منفاك بالخارج .. ستعود بخفى حنين بعد أن تستنفد كل طاقتك فى البحث عنها / عنك .... فـ تغفو فى مكانك من شدة التعب لـ تحلم بك وقد التقيت بنفسك .. بعد أن جمعت كل أشلائها وأجزائها المبعثرة ، بعد أن دوايت جراحها التى تنزف ، بعد أن حاوطتها بالدفء ومسحت كل أتربة الوجع من داخلها ، .... استعدت نفسك التى فقدتها بعد أن تصالحت واياها ........ فـ تصحو من نومك مبتهجا لأنك مازلت قادر على الحلم .. مازل لديك يقين أن نفسك موجودة فى مكان ما تنتظر وتحاول الثبات من أجلك .. مازال لديك ايمان أن أى محاولة منك لن تذهب سدى بل تجعلك تتقدم ولو خطوة فى نفق التحرر و فى يوما ستتم حفر النفق بالكامل ..و ستنتصر على التيه وتجدك ..... وحتى ذلك اليوم ربما عليك أن تجبر نفسك - وان أوهمتها بأن القادم سيعوضها عن الماضى حتى لا تستسلم ، وان صنعت هوة عميقة تبتلع أى حقيقة صادمة الى أن تقوى وتستطيع مواجهتها واستيعابها ، وان استبدلت ما يُرهقها فى الواقع بما يُريحها فى الخيال لـ تجعل العالم من حولها ألطف ومحتملا قليلا - على المقاومة وعدم الانزلاق فى ممرات الحياة المُخيفة وان كنت وحدك والطريق ضائع / على الانتظار والتشبث بأى أمل وان كان يخالطه شك / على الفعل و الاحتياج والاستمرار وان كانت تريد التوقف والغرق /على التشبث بالحياة وان كانت تشتهى الراحة والموت / على التعلق ببراءة المجهول .. كـ طوق نجاة يُخرجها من ظلمة الهاوية لـ ضفة أمان ، كـ انتظار الخلاص من قسوة الحقيقة /من طوفان الغضب المُدمر/ من الدوران فى متاهات الحياة ........... عليك أن تظل - مهما أُنهكت قواك - مطوق بـ حلم الوصول اليك